سورة الحديد - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحديد)


        


{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ} الآية. قال ابن عباس وأبو أمامة: يغشى الناس يوم القيامة ظلمة أظنها بعد فصل القضاء، ثم يعطون نوراً يمشون فيه.
وفي النور قولان:
أحدهما: يعطاه المؤمن بعد إيمانه دون الكافر.
الثاني: يعطاه المؤمن والمنافق، ثم يسلب نور المنافق لنفاقه، قاله ابن عباس.
فيقول المنافقون والمنافقات حين غشيتهم الظلمة.
{لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ} حين أعطوا النور الذي يمشون فيه:
{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ} أي انتظروا، ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أبا هند فلا تعجل علينا *** وأنظرنا نخبرك اليقينا

{قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً} فيه قولان:
أحدهما: ارجعوا إلى الموضع الي أخذنا منه النور فالتمسوا منه نوراً.
الثاني: ارجعو فاعملوا عملاً يجعل الله بين أيديكم نوراً.
ويحتمل في قائل هذا القول وجهان:
أحدهما: أن يقوله المؤمنون لهم.
الثاني: أن تقوله الملائكة لهم.

{فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه حائط بين الجنة والنار، قاله قتادة.
الثاني: أنه حجاب في الأعراف، قاله مجاهد.
الثالث: أنه سور المسجد الشرقي، بيت المقدس قاله عبد الله بن عمرو بن العاص.

{بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبلِهِ الْعَذَابُ} فيه قولان:
أحدهما: أن الرحمة التي في باطنه الجنة، والعذاب الذي في ظاهره جهنم، قاله الحسن.
الثاني: أن الرحمة التي في باطنه: المسجد وما يليه، والعذاب الذي في ظاهره: وادي جهنم يعني بيت المقدس، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص.
ويحتمل ثالثاً: أن الرحمة التي في باطنه نور المؤمنين، والعذاب الذي في ظاهره ظلمة المنافقين.
وفيمن ضرب بينهم وبينه بهذا السور قولان:
أحدهما: أنه ضرب بينهم وبين المؤمنين الذي التمسوا منهم نوراً، قاله الكلبي ومقاتل.
الثاني: أنه ضرب بينهم وبين النور بهذا السور حتى لا يقدروا على التماس النور.
{يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ} يعني نصلي مثلما تصلون، ونغزو مثلما تغزون، ونفعل مثلما تفعلون.

{قَالُواْ بَلَى وَلَكِنَكُم فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بالنفاق، قاله مجاهد.
الثاني: بالمعاصي، قاله أبو سنان.
الثالث: بالشهوات، رواه أبو نمير الهمداني.

{وَتَرَبَّصْتُمْ} فيه تأويلان:
أحدهما: بالحق وأهله، قاله قتادة.
الثاني: وتربصتم بالتوبة، قاله أبو سنان.
{وَارْتَبْتُمْ} يعني شككتم في أمر الله.

{وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: خدع الشيطان، قاله قتادة.
الثاني: الدنيا، قاله ابن عباس.
الثالث: سيغفر لنا، قاله أبو سنان.
الرابع: قولهم اليوم وغداً.

{حَتَّى جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ} فيه قولان:
أحدهما: الموت، قاله أبو سنان.
الثاني: إلقاؤهم في النار، قاله قتادة.

{وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُوْرُ} فيه وجهان:
أحدهما: الشيطان، قاله عكرمة.
الثاني: الدنيا، قاله الضحاك.


{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها نزلت في قوم موسى عليه السلام قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم، قاله ابن حيان.
الثاني: في المنافقين آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم، قاله الكلبي.
الثالث: أنها في المؤمنين من أمتنا، قاله ابن عباس وابن مسعود، والقاسم بن محمد.
ثم اختلف فيها على ثلاثة أقاويل:
أحدها: ما رواه أبو حازم عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود قال: ما كان بين أن أسلمنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول ما أحدثنا. قال الحسن: يستبطئهم وهم أحب خلقه إليه.
الثاني: ما رواه قتادة عن ابن عباس أن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاثة عشرة سنة، فقال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ} الآية.
الثالث: ما رواه المسعودي عن القاسم قال: مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة فقالوا يا رسول الله حدثنا، فأنزل الله تعالى: {نَحنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسنَ الْقَصَصِ} ثم ملوا مرة فقالوا: حدثنا يا رسول الله، فأنزل الله {أَلَمْ يَأنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}.
قال شداد بن أوس: كان يروى لنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الخُشُوعُ». ومعنى قوله: {أَلَمْ يَأْنِ} ألم يحن، قال الشاعر:
ألم يأن لي يا قلب أن اترك الجهلا *** وأن يحدث الشيب المبين لنا عقلا

وفي {أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكْر اللَّهِ} ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن تلين قلوبهم لذكر الله.
الثاني: أن تذل قلوبهم من خشية الله.
الثالث: أن تجزع قلوبهم من خوف الله.
وفي ذكر الله ها هنا وجهان:
أحدهما: أنه القرآن، قاله مقاتل.
الثاني: أنه حقوق الله، وهو محتمل.

{وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: القرآن، قاله مقاتل.
الثاني: الحلال والحرام، قاله الكلبي.
الثالث: يحتمل أن يكون ما أنزل من البينات والهدى.

{اعلموا أن الله يحيى الأرض بعد موتها} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يلين القلوب بعد قسوتها، قاله صالح المري.
الثاني: يحتمل أنه يصلح الفساد.
الثالث: أنه مثل ضربه لإحياء الموتى. روى وكيع عن أبي رزين قال: قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الأرض بعد موتها؟ فقال: «يَا أَبَا رُزَينَ أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ مُمْحَلٍ ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضْرَةً؟ قال: بلى، قَالَ كَذَلِكَ يُحْيي اللَّهُ المَوتَى».


{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} فيه وجهان:
أحدهما: المصدقين لله ورسوله.
الثاني: المتصدقين بأموالهم في طاعة الله.

{وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أَوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} أي المؤمنون بتصديق الله ورسله.
{وَالشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} فيه قولان:
أحدهما: أن الذين آمنوا بالله ورسله هم الصديقون وهم الشهداء عند ربهم، قاله زيد بن أسلم.
الثاني: أن قوله: {أَوْلئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} كلام تام.

وقوله: {وَالشُّهَدَآءُ عِنَدَ رَبِّهِمْ} كلام مبتدأ وفيهم قولان:
أحدهما: أنهم الرسل يشهدون على أممهم بالتصديق والتكذيب، قاله الكلبي.
الثاني: أنهم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة.
وفيما يشهدون به قولان:
أحدهما يشهدون على أنفسهم بما عملوا من طاعة ومعصية، وهذا معنى قول مجاهد.
الثاني: يشهدون لأنبيائهم بتبليغ الرسالة إلى أممهم، قاله الكلبي.
وقال مقاتل قولاً ثالثاً: أنهم القتلى في سبيل الله لهم أجرهم عند ربهم يعني ثواب أعمالهم.

{وَنُورُهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: نورهم على الصراط.
الثاني: إيمانهم في الدنيا، حكاه الكلبي.

1 | 2 | 3 | 4